شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
محاضرة بعنوان المكسب الحلال والمكسب الحرام
5649 مشاهدة
الحرام ينقسم إلى قسمين

والإنسان كذلك لا يمكن أن يقتات بالحشيش وبالعلف الذي تأكل منه الدواب، ولا يمكن أن يقتات بالتراب والحجارة وما أشبهها، فلا بد له من غذاء يلائمه، ولكن هذا الغذاء الذي يلائمه والذي يناسبه ينقسم إلى قسمين: حلال، وحرام، وقد أُمر بأكل الحلال، وبترك الحرام، وتوعده الله على أكل الحرام بالوعيد الشديد، ثم جعل الله الحرام ينقسم إلى قسمين : حرام لصفته، وحرام لكسبه.
فالحرام لأوصافه هو المستقذر الذي تنفر منه النفوس، وتقشعر منه الجلود، ولا يأكله إلا رديء النفس، قال الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ فهذه منها ما هو مستقذر، ومنها ما هو محرم لصفة اقترنت به، فإن الميتة محرمة لقذارتها ولنتنها ولقبحها، وكذلك تحريم الدم المسفوح فإنه أيضا مستقذر، تنفر منه النفوس، وتكرهه النفوس الأبية، النفوس المطمئنة، النفوس الواعية، ولو أن هناك نفوس رديئة قد تستحسنه فلا عبرة بها.
فالله تعالى ما حرم إلا كل ضار على الأجسام إما ضررا دينيا، وإما ضررا دنيويا، إما حسيا وإما معنويا؛ ولذلك سمى الله تعالى المحرمات بالخبائث، فقال تعالى في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ هكذا وصفه بأنه يحل الطيبات ويحرم الخبائث.
فنقول: كل ما حرمه الله وكل ما حرمه النبي صلى الله عليه وسلم فإنه من الخبائث، من الأمور الضارة التي تضر بالبدن، أو تضر بالعقل ضررا ظاهرا أو ضررا خفيا لا يتفطن له إلا أهل المعرفة وأهل الفطنة.
لا شك أن هذا هو الذي جاء به الشرع، أن الله تعالى ما حرم شيئا إلا وفيه مضرة ظاهرة، أو خفية لا يتفطن لها إلا أهل المعرفة وأهل التفقه وأهل الذكاء، ولا عبرة بمن استحسن القبيح واستقبح الحسن، ولا شك أن هذه المحرمات التي هي مستقذرة لا حاجة إلى تفصيلها لأنه يعرفها كل ذي فطرة سليمة، فلو قيل للإنسان لماذا لا تأكل السباع؟ لماذا لا تأكل الرخم؟ لماذا لا تأكل من لحم النسور؟ أو لحم الجِيَفِ أو ما أشبه ذلك؟ لاستقذر ذلك ولنفرت منه نفسه.
وهكذا كل ما حرمه الله، فما حرم مثلا لحم الخنزير إلا لأن الخنزير يتقوت بالنجاسات، يأكل النجاسات، يأكل القاذورات، يتغذى بالغائط وبالمحرم وبالنجاسات وما أشبهها، وهكذا أيضا تحريم الحمر الأهلية لأنها أيضا قد تأكل النجاسات، أي تأكل العذرة تأكل عذر الناس وتتغذى بذلك أو ما أشبه ذلك، وما سوى ذلك فإن الله تعالى أحله، ولكن ما أحل إلا الطيبات.
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا وقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ أمر المؤمنين بالأكل من الطيبات، وأمر بذلك المرسلين، والطيبات: هي المكاسب الطيبة، وضدها هي الخبائث، والطيبات: هي المآكل الطيبة، وضدها هي الخبائث، وكل شيء ضار للبدن فإنه يعتبر من الخبائث، فيتجنب المسلم ما هو خبيث حتى يسلم على دينه، ويسلم على عرضه.
فمن ذلك تحريم الخمر، ورد في الحديث أن الخمر أم الخبائث وما ذاك إلا لآثارها السيئة فإنها تُذهب العقول، وتلحق شاربها بأهل السفه وبأهل الجنون، بالمجانين الذين لا يعرفون خيرا من شر ولا يعرفون نافعا من ضار؛ فلذلك سميت أم الخبائث، ورد في الحديث: من باع الخمر فليشقص الخنازير أي التشقيص هو بيعها وتقطيعها وهو الجزار، هكذا فما حرمها إلا لما فيها من الضرر، ولما فيها من الإثم، ولذلك سماها الله تعالى بالإثم، فقال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا هكذا أخبر بأن فيهما إثم كبير أكبر من المنفعة التي هي لذة ساعة ثم بعد ذلك يعقبها الحسرة، ولذلك قال بعض الشعراء:
تفنى اللـذاذة ممن نـال صفـوتها
من الحـرام ويبقى الإثم والعــار

فاللذاذة تفنى بسرعة ويبقى إثمها ويبقى عارها وشنارها، فهذا دليل على أنه سبحانه ما حرم إلا الشيء الذي فيه ضرر على الأبدان، ولذلك روي أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه ما أمر به وما نهى عنه فهداه الله وأسلم لأول مرة ورجع إلى قومه وقال: إني نظرت في ما أمر به هذا الرجل فرأيته ما أمر بشيء فقال العقل ليته نهى عنه، ولا نهى عن شيء فقال العقل ليته أمر به. ذكر أن ما جاء به فإنه موافق للعقول السليمة، موافق للفطر المستقيمة، لا شك أن هذا هو واقع هذه الشريعة، بل واقع جميع الشرائع.